عمالة الأطفال في الأردن… اغتيال للبراءة بمخالب الفقر وضعف الرقابة

بينما ينظف أحمد  15 عاما اللاجيء السوري آلة طحن الفلافل بأحد المطاعم الشعبية تعرض لإصابة عمل أفقدتة ثلاثة

أصابع وخلفت ندبة في نفسة لم تنتهي بعلاج ألم البتر.

  “أحمد ينظف الآلة باستمرار رغم حاجتها للصيانة وقطع الغيار وعدم اكتراث صاحب العمل بمطالباتة المتكررة لصيانتها”،بحسب والدتة  لتباغته أسنانها وتقضم  أصابعة الثلاثة  كوحش مفترس وتغرس أنيابها مرة في جسدة بالإصابة مرة وبروحة  لعدم توفير رعاية صحية ونفسية ملائمة له،  للتخفيف من ألمة وتعايشة مع شكل يدة الجديد .

آلام أحمد لم تتوقف مع وقف نزيف أصابعة بل تفاقمت بسبب تهديد صاحب المطعم له ولذوية في حال تسجيلهم شكوى بحقة خوفاً من التبعات القانونية والمادية التي يمكن أن تخلفها الشكوى على صاحب العمل خصوصاً وأن أحمد وصاحب العمل لاجئين وأوضاعهم المادية سيئة وفقاَ لوالدتة.

والدة أحمد أكدت تواصلها مع مركز تمكين للعون القانوني لرفع  دعوى والحصول على تعويض مالي بدل العجز نتيجة إصابة العمل لعدم توافر المبالغ المالية اللازمة لرفع القضية دون الحصول على دعم قانوني، فبادر المركز لتوكيل محامٍ للسير بإجراءات الدعوى، إلا أن  ذوي أحمد  وصاحب المطعم توصلوا لتسوية مالية أسفرت عن تحصيل مبلغ 4000 دينار بدل عجز دائم نظراَ لسفر أحمد لسوريا للعمل وكان بذلك الوقت تحت السن القانوني 18 سنة فتم تأجيل التسوية القانونية وإسقاط الشكوى لما بعد بلوغة سن الرشد بحسب وثائق تمكين.

 انتهت القصة بالمحاكم بس أثارها على نفسية إبني ما انتهت، ما عنده ثقة بنفسة وبيخاف حد يشوف إيده أو يعرف” “إنه أصابعة مقطعة لأنه بيعتبر حالة ناقص ومش مثل الشباب اللي بعمرة.

لأنه ما حد انتبه لنفسيته وما لقي أي دعم أو مساندة حتى يتجاوز اللي صار معه بيخجل يسلم على الناس وبيضل يقول  مافي اشي بيعوضك عن أي جزء من جسمك “نقصك رح يضل عايش معك” هاي كلمات أحمد اللي بيحكيها  باستمرار لوالدتة.

عرفت  اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الأمم المتحدة عام 1989 الأطفال بـ “جميع الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 عاماً”. وعملت الورقة على تقسيم الأطفال إلى شريحتين، الأولى تتمثل في الأطفال دون سن 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والشريحة الثانية تتمثل في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين (16-18) عاماً، يسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة

وشم لا يمحى!

 استشاري الطب النفسي الدكتور عبد الرحمن مزهر أكد استمرار الأثر النفسي على حياة الطفل الذي ينخرط  بسوق العمل مبكراً بسبب تعرضة لظروف صعبة وغير ملائمة لتكوينة الجسدي والنفسي والعاطفي خصوصاً  في  الحالات التي يتعرض فيها لإصابات بليغة تترك عاهات دائمة كلية أوجزئية أو تحرش جنسي أوتنمرلتفاقم أوضاعة النفسية لعدم توفير العلاج النفسي الملائم للحفاظ على صحتة النفسية وسلوكة في المستقبل.

 ويجد مزهر أن السلوك السلبي المرافق للأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية التي أوصلت هؤولاء الأطفال لسوق العمل والتغيب فترة طويلة يوميا ً عن المنزل يفقدة الروابط الأسرية  اللازمة لنموه النفسي وتنمية ابداعاته ومواهبه.

ولفت مزهر لخطورة إدماج الأطفال  المباشر في العمل مع الراشدين مما يضطره لتقليدهم وحرمانة من الاستمتاع بمراحل الطفولة والنمو مما يجعل الطفل ينمو مع هذا الوضع ويشعر نفسه دائما هامشي  وعلى وجه الخصوص عندما يجد نفسة أمي غير متعلم غير قادر على الابداع ومجارات التطور العلمي في اي عمل.

 اما بالنسبة لعدم وجود طبيب نفسي في المحاكم  فيعتره مزهر تقصير واضح في التطبيق التشريعي  فالتقيم النفسي اساسي حتى دون طلب الضحية او موكلها، ويجب احالة كل حالة للتقيم النفسي ويصبح قانون  اساسي من مقتضيات سير المحاكمة فشعور الطفل بالظلم سوف يولد حقد اتجاه المجتمع و يولد خلل في الانتماء للمجتمع وللدولة مما قدر .

يحرفه ويسلك طرق الاجرام بجميع طرق الاجرام منها الاعتداء والجرائم ضد الإخرين والغش من باب الحقد والكراهية.

أطفال بلا رفاهية

 ممثلة “يونيسف”، في الأردن تانيا شابوزيت قالت في تصريح صحفي  إن “العواقب المترتبة على أسوأ أشكال عمل الأطفال مروعة، فهو يُضعف رفاهية الأطفال البدنية والعقلية والنفسية-الاجتماعية، كما يجعل من حياتهم

 ومستقبلهم عُرضة للخطر، داعيتاً لتجديد  العمل الجماعي لإنهاء أسوأ أشكال عمل الأطفال في الأردن بحلول العام  2025 وتخليصهم من عمل الأطفال، وإعادة دمجهم في المدرسة، وخلق بيئة حمائية لهم بزيادة فرص وصولهم للخدمات الاجتماعية والنفقسية والطبية بالشكل والسرعة المناسبة.

ينسجم قانون العمل الأردني مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة عمل الأطفال، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقيتا العمل الدوليتان الأولى رقم 138 الخاصة بـ”الحد الأدنى لسن الاستخدام” والثانية رقم 182 الخاصة بـ”حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال”.

فوبيا!

خالد  13 سنة يعمل في محل بيع قهوة سائلة، بعد أنسحابة من التعليم قبل 3 سنوات لأنة “ما بحب

 أستاذ  الرياضيات كان يحكي عني ما بفهم تركتله كل المدرسة”.

يقف ساعات طويلة في الحر والبرد يلوح بصينيته  للمارة والسيارات  كفزاعة أنهكها الوقوف في حقل صيفي معرضا حياتة للخطر في كثير من اللحظات بحثاً عن زبائن للقهوة “بدي أشتغل وأطلع مصروفي أنا صرت كبير بس بخاف من الشرطة يمسكوني”

 أوقفته الشرطة عدة مرات خلال حملات تفتيشية على العمالة المخالفة وعمالة الأطفال أو شكاوى المشاجرات مع الزبائن والعاملين  في المحلات المجاورة ليخرجه والدة من المركز الأمني بالكفالة .

تقول والدتة أنه يعاني من نوبات هلع وذعر عند رؤيته لرجل أمن أو سيارة شرطة ويهرب من المكان بسرعة كعصفور قلق.

 وتؤكد حاجتة لمتابعة نفسية وإعادة تأهيل لإخراجه من هذه الحالة التي باتت تؤثر على سلوكة اليومي وعملة وهذا غير متاح بسبب عدم وجود تأمين صحي وسوء الأوضاع المادية للأسرة وهو ما يهدد السلامة النفسية والعقلية لخالد خصوصاً مع استمراره بالتسرب المدرسي كأقرانه والبقاء في سوق العمل وتعرضة للظروف ذاتها باستمرار.

القانون يمنع ويعاقب

 مدير التفتيش في وزارة العمل هيثم النجداوي أكد منع تشغيل الأطفال دون الـ 16 عاما بأي شكل من الأشكال فيما سمح بتشغيل الذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 18 عاما بموافقة الوزارة ضمن مهن محددة

ولفت النجداوي لخضوع  تشغيل الأطفال ما دون 18 عاماً لأحكام قانون العمل بمخالفة تتراوح قيمتها ما بين 300  إلى 500 دينار، محذراً من مغبة تشغيل الأطفال في المهن ذات الخطورة العالية والأعمال الكيميائية، مؤكدً أن جائحة كورونا فاقمت عمالة الأطفال في البلاد بسبب  التعلم عن بعد 3 فصول متتالية

 لافتاً إلى أن  الوزارة  تنفذ زيارات تفتيشية يومية  لاستهداف الأماكن التي تشغل الأطفال أو تستغلهم والتي تركزت في الأعمال المهنية كالميكانيك وصيانة السيارات والدهان والأعمال الأخرى، وأن “معظم عمالة الأطفال   تتم برعاية الوالدين إما لغايات استغلاله نتيجة الفقر أوعدم توفير الرعاية المباشرة له. “

وأشار النجداوي لتنفيذ الوزارة  (6658) زيارة تفتيشية كشفت عن (236) حالة طفل عامل واتخذت اجراءات قانونية بحق اصحاب العمل تمثلت بتحرير (133) انذار و(45) مخالفة وإطلاق حملتين متخصصتين على تفتيش الحد من عمل الاطفال ركزتا على القطاعات الأكثر تشغيلا للأطفال منذ بداية العام الجاري 2021 حتى نهاية شهر أيار الماضي

المادة (73) من قانون العمل الأردني وتعديلاته نصت على حظر عمل الأطفال دون 16 عاما، في حين سمحت المادة (75-74) لفئات الأطفال بين 16 عاما و 18 عاماً بالعمل بما لا يزيد على 36 ساعة أسبوعية بمهن لا تصنف بالخطرة.

حماية إجتماعية

  المحامي المختص بقضايا العمل أحمد مطالقة حمل  جائحة كورونا مسؤولية زيادة نسب عمالة الأطفال بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للأسر وتوقف التعلم الوجاهي لما يزيد على 3 فصول دراسية مما خلق مبرراً للكثيرين لتشغيل الأطفال بغض النظر عن قانونية ذلك وملائمتة للمصلحة الفضلى للأطفال وحاجاتهم النفسية والجسدية

مؤكداً أن عمل الأطفال غير مقتصر على قطاع معين أو مهنة معينة وأنهم يتوزعون في مختلف القطاعات الخطرة وغير الخطرة، والتي تفتقر في الأغلب الأعم لاتباع معايير الصحة والسلامة المهنية والنفسية  مما يرتب كُلفاًَ باهظة تفوق في قيمتها الحقيقية كلف تقديم التعليم والحماية والدعم النفسي والصحي لهؤلاء الأطفال. .

مطالقة دعا لرفع الوعي بخطورة عمل الطفل من قبل المرشدين في المدارس، وتوفير جلسات الدعم النفسي، وأنظمة التعليم المساند والتكميلي، لما لهذه البدائل من مساهمة في التقليل من نسب الانسحاب من التعليم على المدى المتوسط والبعيد، وإعادة إدماج الأطفال العائدين للمدارس بعد مدّة انقطاعهم عن التعليم.

وتوفير  أنظمة دعم نفسي اجتماعي للأطفال العاملين لمساعدتهم على الانخراط في البيئة  التعليمية بدلاً من سوق العمل، وتفعيل قنوات شكاوى آمنة يسهل الوصول إليها من قِبَل الأطفال العاملين، و زيادة عدد مراكز المتسربين والتعليم غير النظامي لتغطي الأعداد المتزايدة من المنسحبين والمتسربين من المدارس.

المسح الوطني لعمل الأطفال 2016 والصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارة العمل الأردنية ودائرة الإحصاءات العامة (وهو آخر مسح) الى أن عدد الأطفال في الأردن ذكوراً وإناثاً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5-17 عاماً والذين يعملون بلغ 75982 طفلاُ منهم 8868 طفلة وبنسبة 11.7%. فيما تشير التقديرات الى ارتفاع هذا الرقم لأسباب متعددة من بينها الأوضاع الاقتصادية وجائحة كورونا وتداعياتهما على الأسر.
وأشار المسح الى أن 44917 طفلاً (منهم 2393 طفلة وبنسبة 26.9%) يعملون في أعمال خطرة وهو ما يشكل 59.1% من مجموع عمالة الأطفال.
Scroll to Top